حلم الطيران القديم:
راود حلم الطيران الإنسان منذ زمن بعيد، وحاول الإنسان عبر مراحل تاريخية مختلفة أن يحاكي الطيور في طيرانها، ولعل أكثرنا يذكر قصة المغامر عباس بن فرناس، واحد من أوائل رواد الطيران، ونذكر محاولته الجريئة في ارتياد الأجواء وكيف صنع لنفسه كساءً كهيئة الطير ورمى بنفسه من مكانٍ مرتفع أمام جمع من أهالي قرطبة، ولكن القليل من يعرف أن هذا المغامر إنما هو أيضاً العالم الكيميائي والفلكي والفيلسوف حكيم الأندلس أبو القاسم عباس بن فرناس بن فرداس.
صورة عباس بن فرناس كما جاء في بعض الكتب القديمة
تمثال لعباس بن فرناس محاولاً الطيران
محاولته للطيران
تبع أبو القاسم في عمله العالم اللغوي صاحب معجم (تاج اللغة وصحاح العربية\الصحاح) أبو العباس الجوهري النيسابوري، الذي صنع لنفسه جناحين من خشب وصعد بهما إلى سطح مسجد بلده نيسابور ورمى بنفسه مجرباً الطيران إلا أنه سقط و توفي في محاولته هذه التي حدثت عام 393 للهجرة.
الطيران في العصر الحديث:
في العصر الحديث استطاع الأخوان ولبور وأورفيل رايت أن يبنيا في عام 1903 آلة للطيران يمكن اعتبارها أول طائرة وارتفعا بها إلى علو 15 متراً لمسافة قصيرة جداً في رحلة استمرت بضع ثوان فقط.
الأخوان ولبور و أورفيل رايت
نموذج توضيحي لشكل طائرتهما
صورة حقيقية لتجربتهما الأولى
الطائرة بعد تحطمها
وسرعان ما تبنت الصناعات العسكرية هذا الفتح الجديد، وعندما وقعت الحرب العالمية الأولى كانت الدول الكبرى آنئذ قد جهزت نفسها بهذه التقنية الجديدة واكتشفت أهمية إنشاء القوى الجوية وخطورتها لرمي القنابل في ساحات العدو، وكانت طائرات تلك الفترة ثنائية أو ثلاثية الأجنحة، وخلال الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى إلى الحرب العالمية الثانية تطورت صناعة الطيران وانتقلت إلى طائرات أحادية الجناح والذي أصبح التصميم المعتمد للجناح إلى يومنا هذا، وبعدها تطورت علوم الطيران وصناعته بشكل كبير وشقت طريقها في قطاع النقل المدني الذي أحدث ثورة على صعيد طي المسافات والسير بالعالم مع قطاع الاتصالات إلى مفهوم القرية الكونية.
اعتمدت الطائرات في بداياتها على محركات دافعة من النوع المكبسي حتى الحرب العالمية الثانية عندما تحولت هندسة الطيران إلى اعتماد المحركات النفاثة وكان هذا الإنتقال المعلم الثاني في تاريخ الطائرات بعد التحول إلى الطائرات أحادية الجناح، وأصبحت الطائرات بفضل المحرك النفاث أسرع وتطير على ارتفاعات أعلى، وبفضله أيضاً وصلت طائرة X-1 التي صنعتها شركة بل إلى سرعة الصوت 1 ماخ (1 ماخ =340 متر/ثانية = 1224 كم/ساعة) وذلك في عام 1947، وللمقارنة نذكر أنه يمكن لطائرات اليوم التقليدية أن تصل إلى سرعة 3.5 ماخ (أي أسرع من الصوت بثلاثة أمثال ونصف المثل)، إلا أن التطور الأهم في صناعة الطيران كان الأمان، فطائرات الأمس لم تكن على درجة كبيرة من الأمان، وكان ركوب الطائرة محفوفاً ببعض المخاطر، أما اليوم فيمكن القول بكل ثقة أن الطائرة أكثر وسائل النقل أماناً لدرجة دفعت البعض للقول: إن احتمال أن يتعرض السائر على الرصيف لحادث ما أكبر من احتمال تعرض راكب الطائرة لحادث، فواحدة من ملايين الرحلات الجوية تتعرض لحادث وتتحطم الطائرة فيها.
صورة حقيقية للمحرك المكبسي
مكونات المحرك المكبسي
آلية عمل المحرك المكبسي
محرك نفاث حقيقي
مكونات المحرك النفاث
أجزاء المحرك النفاث
آلية عمل المحرك النفاث
طائرة حديثة (1)
كيف تطير الطائرات؟
القوة الأولى اللازمة لطيران الطائرة يكمن سرها في استغلال ضغط الهواء الذي يقدم قوة الرفع. وقد درس العالم دانييل برنولي في القرن السابع عشر حركة جريان الموائع (السوائل والغازات) واستتنتج قانونه الشهير المسمى مبدأ برنولي الذي ينص على أنه عندما يجري مائع بسرعة كبيرة فإنه يفقد الضغط. يتم استناداً إلى هذا المبدأ تصميم شكل جناح الطائرة، فعندما يعترض الهواء جناح الطائرة ينشطر تيار الهواء إلى شطرين: شطرٍ ينساب على السطح العلوي للجناح، وشطرٍ ينساب على السطح السفلي، ويتم تصميم الجناح بحيث يتميز بانتفاخ بسيط عند مقدمة السطح العلوي، هذا الانتفاخ يجعل مسار جريان الهواء على السطح العلوي للجناح أكبر من مسار جريان الهواء على السطح السفلي، ثم يلتقي هذان التياران ثانيةً عند مؤخرة الجناح، ونظراً لطول مسار السطح العلوي تكون سرعة جريان تياره أكبر من سرعة تيار السطح السفلي، وعليه يكون الضغط على السطح العلوي أقل من الضغط على السطح السفلي حسب برنولي، مما يؤدي إلى دفع الجناح من منطقة الضغط العالي إلى منطقة الضغط المنخفض.
جريان الهواء على سطحي جناح الطائرة
منطقة الضغط المنخفض أعلى الجناح ومنطقة الضغط المرتفع أسفل الجناح
و بتعبير مبسط أكثر، لنفرض وجود جزيئي هواء (أ) و (ب) في لحظة ما متلاصقين، ولنراقب سلوكهما خطوة فخطوة عند اصطدام جناح الطائرة بهما:
1-يبتعد الجزيئان عن بعضهما لحظة الاصطدام ويتفرعان، الجزيء (أ) سيجري على السطح العلوي للجناح، والجزيء (ب) سيجري على السطح السفلي.
2-يقطع الجزيء (أ) مسافةً أكبر من المسافة التي يقطعها الجزيء (ب) بسبب الانتفاخ المتعمد لمقدمة السطح العلوي لجناح الطائرة.
3-يلتقي الجزيئان ثانيةً عند مؤخرة الجناح ويستئنفان طريقهما.
لنلاحظ الآن أنه لكي يلتقيا ثانيةً لابد للجزيء (أ) أن يجري بسرعة أكبر من جري الجزيء (ب) لأن مسافته أكبر، وهنا يأتي دور العم برنولي ليحلل الظاهرة بشكل أكاديمي، سرعة أكبر لجزيء الهواء (أ) من جزيء الهواء (ب) تعني ضغطاً أقل على سطح الجناح العلوي منه على السطح السفلي، فيرتفع الجناح نحو الأعلى ويشد معه الطائرة.
حركة جزيئين من الهواء على السطح العلوي والسفلي لجناح الطائرة تنتج القوة الرافع
صورة أخرى تبين حركة الهواء على جناح الطائرة
يمكن الاستدلال هنا إلى أنه يمكن زيادة ارتفاع الطائرة بزيادة سرعتها إن زيادة سرعة الطائرة تكافئ زيادة سرعة الهواء بالنسبة للطائرة، وتؤدي بالتالي إلى زيادة فرق الضغط بين سطحي الجناح ومن ثم زيادة قوة الرفع. وبشكل رياضي تتناسب سرعة الطائرة طرداً مع مربع قوة الرفع، فإذا ازدادت سرعة الطائرة مثلين ازدادت قوة الرفع أربعة أمثال. وبالمناسبة لم يكن لبرنولي أي اهتمام بالطيران، ولكن قانونه كان الأساس في صناعة الطيران. ويمكن لأي منا اختبار هذه الظاهرة وذلك عند ركوب سيارة مسرعة بجانب نا فذة مشرعة، فجريان الهواء السريع أمام النافذة خارج السيارة يشكل منطقة الضغط المنخفض حيث أننا لو قربنا شيئاً ما قرب مستوى النافذة لانجذب بشدة خارج السيارة، أو إذا مد الجالس في السيارة يده من النافذة المشرعة خارج السيارة وبسطها أفقية لشقت الهواء دون أن يشعر بأي قوة تذكر عليها، ولكن لو فتل يده المبسوطة بحيث يقابل بطنها الهواء لشعر بقوة كبيرة ترفع يده نحو الأعلى. هذا هو تماماً مايحدث لجناح الطائرة، إنه ينجذب نحو الأعلى ويرتفع بقوة فرق الضغط، لاحظ كم بلعب تصميم شكل الأجنحة دوراً هاماً ورئيساً في تصميم الطائرة.
إن المثال الأخير (فتل اليد الممدودة من نافذة سيارة مسرعة) يشرح بشكل أوضح التفسير الآخر لارتفاع الطائرة والأبسط من مبدأ برنولي، ويعتمد على أن لكل فعل رد فعل مساوياً في المقدار ومعاكساً في الاتجاه، فعندما تصطدم جزيئات الهواء بالسطح السفلي للجناح ترتد نحو الأسفل وتدفع الجناح نحو الأعلى مانحةً إياه جزءاً من طاقتها الحركية. القوة الثانية اللازمة لطيران الطائرة هي قوة الدفع التي تنتجها محركات الطائرة النفاثة والتي تعمل على دفع الطائرة أماماً وبالمناسبة فإن قوة الدفع التي تنتجها المحركات النفاثة أو أي شفرة دوارة تعتمد أيضاً في دفع الهواء على مبدأ برنولي إياه الذي ذكرناه والذي ينطبق أيضاً على طريقة دفع الماء في المضخات. إذاً، طيران الطائرة يتطلب وجود قوتين رئيسيتين هما: قوة الرفع التي تقدمها الأجنحة و قوة الدفع التي تقدمها محركات الطائرة.
ولكن هناك قوتان أخريان تعاكسان هاتين القوتين وتعملان على منع رفع الطائرة ومنع اندفاعها هما:
*وزن الطائرة الذي يسببه قوة الجاذبية الأرضية.
**مقاومة الهواء.
لابد لقوة الرفع التي تنتجها الأجنحة واللازمة لرفع الطائرة في الهواء أن تتغلب على وزنها الذي يشدها من طرف أخر إلى الأسفل وأن يتحقق الشرط التالي عند الإقلاع:
قوة الرفع = وزن الطائرة + قوة لازمة للارتفاع إلى علو مناسب
وعندما تستوي الطائرة في كبد السماء تتساوى قوة الرفع ووزن الطائرة تماماً:
قوة الرفع = وزن الطائرة
ولابد أيضاً لقوة الدفع التي تنتجها محركات الطائرة و اللازمة لدفع الطائرة أن تتغلب على قوة مقاومة الهواء و أن تحقق الشرط التالي:
قوة الدفع = قوة مقاومة الهواء + القوة اللازمة للاندفاع بسرعة معينة
وعندما تستقر الطائرة في كبد السماء تتساوى قوة الدفع مع قوة مقاومة الهواء تماماً:
قوة الدفع = قوة مقاومة الهواء
القوى الرئيسية المؤثرة على الطائرة
قوة الدفع للأمام - قوة مقاومة الهواء للخلف - قوة الرفع للأعلى - قوة الوزن للأسفل
فكما أن تصميم شكل الجناح يلعب دوراً كبيراً في تحديد قوة الرفع، كذلك يلعب تصميم شكل الطائرة دوراً كبيراً في تحديد قوة الدفع اللزمة، إذ يتم تخفيض قوة مقاومة الهواء المؤثرة على جسم الطائرة بتقليل البروزات فيها وجعله انسيابياً ما أمكن، فتقل القوة الدافعة اللازمة للتغلب على هذه المقاومة و تقل بالتالي استطاعة المحركات اللازمة لإنتاج هذا الدفع ويقل استهلاكها للوقود، ولهذا السبب يقوم الطيار بعد الإقلاع مباشرة بطي عجلات الطائرة وإدخالها في حجرة خاصة في بطن الطائرة حتى تقل مقاومة الهواء، ولا يفردها إلا عند الهبوط. وهنا من المفيد أن نذكر أن الأجنحة الثنائية والثلاثية التي استخدمت في الطائرات المصنعة قبل الحرب العالمية الثانية كانت تقدم قوى رفع جيدة، لكن المقاومة العالية للهواء التي كانت تبديها أدت إلى استبعادها من الاستخدام لاحتياجها إلى محركات كبيرة للتغلب على هذه المقاومة وبالتالي كميات كبيرة من الوقود.
راود حلم الطيران الإنسان منذ زمن بعيد، وحاول الإنسان عبر مراحل تاريخية مختلفة أن يحاكي الطيور في طيرانها، ولعل أكثرنا يذكر قصة المغامر عباس بن فرناس، واحد من أوائل رواد الطيران، ونذكر محاولته الجريئة في ارتياد الأجواء وكيف صنع لنفسه كساءً كهيئة الطير ورمى بنفسه من مكانٍ مرتفع أمام جمع من أهالي قرطبة، ولكن القليل من يعرف أن هذا المغامر إنما هو أيضاً العالم الكيميائي والفلكي والفيلسوف حكيم الأندلس أبو القاسم عباس بن فرناس بن فرداس.
صورة عباس بن فرناس كما جاء في بعض الكتب القديمة
تمثال لعباس بن فرناس محاولاً الطيران
محاولته للطيران
تبع أبو القاسم في عمله العالم اللغوي صاحب معجم (تاج اللغة وصحاح العربية\الصحاح) أبو العباس الجوهري النيسابوري، الذي صنع لنفسه جناحين من خشب وصعد بهما إلى سطح مسجد بلده نيسابور ورمى بنفسه مجرباً الطيران إلا أنه سقط و توفي في محاولته هذه التي حدثت عام 393 للهجرة.
الطيران في العصر الحديث:
في العصر الحديث استطاع الأخوان ولبور وأورفيل رايت أن يبنيا في عام 1903 آلة للطيران يمكن اعتبارها أول طائرة وارتفعا بها إلى علو 15 متراً لمسافة قصيرة جداً في رحلة استمرت بضع ثوان فقط.
الأخوان ولبور و أورفيل رايت
نموذج توضيحي لشكل طائرتهما
صورة حقيقية لتجربتهما الأولى
الطائرة بعد تحطمها
وسرعان ما تبنت الصناعات العسكرية هذا الفتح الجديد، وعندما وقعت الحرب العالمية الأولى كانت الدول الكبرى آنئذ قد جهزت نفسها بهذه التقنية الجديدة واكتشفت أهمية إنشاء القوى الجوية وخطورتها لرمي القنابل في ساحات العدو، وكانت طائرات تلك الفترة ثنائية أو ثلاثية الأجنحة، وخلال الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى إلى الحرب العالمية الثانية تطورت صناعة الطيران وانتقلت إلى طائرات أحادية الجناح والذي أصبح التصميم المعتمد للجناح إلى يومنا هذا، وبعدها تطورت علوم الطيران وصناعته بشكل كبير وشقت طريقها في قطاع النقل المدني الذي أحدث ثورة على صعيد طي المسافات والسير بالعالم مع قطاع الاتصالات إلى مفهوم القرية الكونية.
اعتمدت الطائرات في بداياتها على محركات دافعة من النوع المكبسي حتى الحرب العالمية الثانية عندما تحولت هندسة الطيران إلى اعتماد المحركات النفاثة وكان هذا الإنتقال المعلم الثاني في تاريخ الطائرات بعد التحول إلى الطائرات أحادية الجناح، وأصبحت الطائرات بفضل المحرك النفاث أسرع وتطير على ارتفاعات أعلى، وبفضله أيضاً وصلت طائرة X-1 التي صنعتها شركة بل إلى سرعة الصوت 1 ماخ (1 ماخ =340 متر/ثانية = 1224 كم/ساعة) وذلك في عام 1947، وللمقارنة نذكر أنه يمكن لطائرات اليوم التقليدية أن تصل إلى سرعة 3.5 ماخ (أي أسرع من الصوت بثلاثة أمثال ونصف المثل)، إلا أن التطور الأهم في صناعة الطيران كان الأمان، فطائرات الأمس لم تكن على درجة كبيرة من الأمان، وكان ركوب الطائرة محفوفاً ببعض المخاطر، أما اليوم فيمكن القول بكل ثقة أن الطائرة أكثر وسائل النقل أماناً لدرجة دفعت البعض للقول: إن احتمال أن يتعرض السائر على الرصيف لحادث ما أكبر من احتمال تعرض راكب الطائرة لحادث، فواحدة من ملايين الرحلات الجوية تتعرض لحادث وتتحطم الطائرة فيها.
صورة حقيقية للمحرك المكبسي
مكونات المحرك المكبسي
آلية عمل المحرك المكبسي
محرك نفاث حقيقي
مكونات المحرك النفاث
أجزاء المحرك النفاث
آلية عمل المحرك النفاث
طائرة حديثة (1)
كيف تطير الطائرات؟
القوة الأولى اللازمة لطيران الطائرة يكمن سرها في استغلال ضغط الهواء الذي يقدم قوة الرفع. وقد درس العالم دانييل برنولي في القرن السابع عشر حركة جريان الموائع (السوائل والغازات) واستتنتج قانونه الشهير المسمى مبدأ برنولي الذي ينص على أنه عندما يجري مائع بسرعة كبيرة فإنه يفقد الضغط. يتم استناداً إلى هذا المبدأ تصميم شكل جناح الطائرة، فعندما يعترض الهواء جناح الطائرة ينشطر تيار الهواء إلى شطرين: شطرٍ ينساب على السطح العلوي للجناح، وشطرٍ ينساب على السطح السفلي، ويتم تصميم الجناح بحيث يتميز بانتفاخ بسيط عند مقدمة السطح العلوي، هذا الانتفاخ يجعل مسار جريان الهواء على السطح العلوي للجناح أكبر من مسار جريان الهواء على السطح السفلي، ثم يلتقي هذان التياران ثانيةً عند مؤخرة الجناح، ونظراً لطول مسار السطح العلوي تكون سرعة جريان تياره أكبر من سرعة تيار السطح السفلي، وعليه يكون الضغط على السطح العلوي أقل من الضغط على السطح السفلي حسب برنولي، مما يؤدي إلى دفع الجناح من منطقة الضغط العالي إلى منطقة الضغط المنخفض.
جريان الهواء على سطحي جناح الطائرة
منطقة الضغط المنخفض أعلى الجناح ومنطقة الضغط المرتفع أسفل الجناح
و بتعبير مبسط أكثر، لنفرض وجود جزيئي هواء (أ) و (ب) في لحظة ما متلاصقين، ولنراقب سلوكهما خطوة فخطوة عند اصطدام جناح الطائرة بهما:
1-يبتعد الجزيئان عن بعضهما لحظة الاصطدام ويتفرعان، الجزيء (أ) سيجري على السطح العلوي للجناح، والجزيء (ب) سيجري على السطح السفلي.
2-يقطع الجزيء (أ) مسافةً أكبر من المسافة التي يقطعها الجزيء (ب) بسبب الانتفاخ المتعمد لمقدمة السطح العلوي لجناح الطائرة.
3-يلتقي الجزيئان ثانيةً عند مؤخرة الجناح ويستئنفان طريقهما.
لنلاحظ الآن أنه لكي يلتقيا ثانيةً لابد للجزيء (أ) أن يجري بسرعة أكبر من جري الجزيء (ب) لأن مسافته أكبر، وهنا يأتي دور العم برنولي ليحلل الظاهرة بشكل أكاديمي، سرعة أكبر لجزيء الهواء (أ) من جزيء الهواء (ب) تعني ضغطاً أقل على سطح الجناح العلوي منه على السطح السفلي، فيرتفع الجناح نحو الأعلى ويشد معه الطائرة.
حركة جزيئين من الهواء على السطح العلوي والسفلي لجناح الطائرة تنتج القوة الرافع
صورة أخرى تبين حركة الهواء على جناح الطائرة
يمكن الاستدلال هنا إلى أنه يمكن زيادة ارتفاع الطائرة بزيادة سرعتها إن زيادة سرعة الطائرة تكافئ زيادة سرعة الهواء بالنسبة للطائرة، وتؤدي بالتالي إلى زيادة فرق الضغط بين سطحي الجناح ومن ثم زيادة قوة الرفع. وبشكل رياضي تتناسب سرعة الطائرة طرداً مع مربع قوة الرفع، فإذا ازدادت سرعة الطائرة مثلين ازدادت قوة الرفع أربعة أمثال. وبالمناسبة لم يكن لبرنولي أي اهتمام بالطيران، ولكن قانونه كان الأساس في صناعة الطيران. ويمكن لأي منا اختبار هذه الظاهرة وذلك عند ركوب سيارة مسرعة بجانب نا فذة مشرعة، فجريان الهواء السريع أمام النافذة خارج السيارة يشكل منطقة الضغط المنخفض حيث أننا لو قربنا شيئاً ما قرب مستوى النافذة لانجذب بشدة خارج السيارة، أو إذا مد الجالس في السيارة يده من النافذة المشرعة خارج السيارة وبسطها أفقية لشقت الهواء دون أن يشعر بأي قوة تذكر عليها، ولكن لو فتل يده المبسوطة بحيث يقابل بطنها الهواء لشعر بقوة كبيرة ترفع يده نحو الأعلى. هذا هو تماماً مايحدث لجناح الطائرة، إنه ينجذب نحو الأعلى ويرتفع بقوة فرق الضغط، لاحظ كم بلعب تصميم شكل الأجنحة دوراً هاماً ورئيساً في تصميم الطائرة.
إن المثال الأخير (فتل اليد الممدودة من نافذة سيارة مسرعة) يشرح بشكل أوضح التفسير الآخر لارتفاع الطائرة والأبسط من مبدأ برنولي، ويعتمد على أن لكل فعل رد فعل مساوياً في المقدار ومعاكساً في الاتجاه، فعندما تصطدم جزيئات الهواء بالسطح السفلي للجناح ترتد نحو الأسفل وتدفع الجناح نحو الأعلى مانحةً إياه جزءاً من طاقتها الحركية. القوة الثانية اللازمة لطيران الطائرة هي قوة الدفع التي تنتجها محركات الطائرة النفاثة والتي تعمل على دفع الطائرة أماماً وبالمناسبة فإن قوة الدفع التي تنتجها المحركات النفاثة أو أي شفرة دوارة تعتمد أيضاً في دفع الهواء على مبدأ برنولي إياه الذي ذكرناه والذي ينطبق أيضاً على طريقة دفع الماء في المضخات. إذاً، طيران الطائرة يتطلب وجود قوتين رئيسيتين هما: قوة الرفع التي تقدمها الأجنحة و قوة الدفع التي تقدمها محركات الطائرة.
ولكن هناك قوتان أخريان تعاكسان هاتين القوتين وتعملان على منع رفع الطائرة ومنع اندفاعها هما:
*وزن الطائرة الذي يسببه قوة الجاذبية الأرضية.
**مقاومة الهواء.
لابد لقوة الرفع التي تنتجها الأجنحة واللازمة لرفع الطائرة في الهواء أن تتغلب على وزنها الذي يشدها من طرف أخر إلى الأسفل وأن يتحقق الشرط التالي عند الإقلاع:
قوة الرفع = وزن الطائرة + قوة لازمة للارتفاع إلى علو مناسب
وعندما تستوي الطائرة في كبد السماء تتساوى قوة الرفع ووزن الطائرة تماماً:
قوة الرفع = وزن الطائرة
ولابد أيضاً لقوة الدفع التي تنتجها محركات الطائرة و اللازمة لدفع الطائرة أن تتغلب على قوة مقاومة الهواء و أن تحقق الشرط التالي:
قوة الدفع = قوة مقاومة الهواء + القوة اللازمة للاندفاع بسرعة معينة
وعندما تستقر الطائرة في كبد السماء تتساوى قوة الدفع مع قوة مقاومة الهواء تماماً:
قوة الدفع = قوة مقاومة الهواء
القوى الرئيسية المؤثرة على الطائرة
قوة الدفع للأمام - قوة مقاومة الهواء للخلف - قوة الرفع للأعلى - قوة الوزن للأسفل
فكما أن تصميم شكل الجناح يلعب دوراً كبيراً في تحديد قوة الرفع، كذلك يلعب تصميم شكل الطائرة دوراً كبيراً في تحديد قوة الدفع اللزمة، إذ يتم تخفيض قوة مقاومة الهواء المؤثرة على جسم الطائرة بتقليل البروزات فيها وجعله انسيابياً ما أمكن، فتقل القوة الدافعة اللازمة للتغلب على هذه المقاومة و تقل بالتالي استطاعة المحركات اللازمة لإنتاج هذا الدفع ويقل استهلاكها للوقود، ولهذا السبب يقوم الطيار بعد الإقلاع مباشرة بطي عجلات الطائرة وإدخالها في حجرة خاصة في بطن الطائرة حتى تقل مقاومة الهواء، ولا يفردها إلا عند الهبوط. وهنا من المفيد أن نذكر أن الأجنحة الثنائية والثلاثية التي استخدمت في الطائرات المصنعة قبل الحرب العالمية الثانية كانت تقدم قوى رفع جيدة، لكن المقاومة العالية للهواء التي كانت تبديها أدت إلى استبعادها من الاستخدام لاحتياجها إلى محركات كبيرة للتغلب على هذه المقاومة وبالتالي كميات كبيرة من الوقود.
السبت سبتمبر 21, 2013 5:51 pm من طرف لوتس
» .. الدقة البلاغية القرآنية ...
السبت يونيو 01, 2013 9:20 am من طرف رتوش القمر
» هُـنـا ... وهنــــاك
السبت يونيو 01, 2013 9:15 am من طرف رتوش القمر
» من أطايب الكلام
الأربعاء يناير 30, 2013 4:13 pm من طرف هذا_أنا
» منتجع كومو شامبالا في بالي في أندونيسيا
الإثنين يناير 28, 2013 5:40 pm من طرف هذا_أنا
» من فقه الأسماء الحسنى ( الشافي )
الإثنين يناير 28, 2013 5:31 pm من طرف هذا_أنا
» أفضل عشر طرق لإبعاد القوارض
الإثنين يناير 28, 2013 5:24 pm من طرف هذا_أنا
» هذا الذي قتل الأمة الاسلامية
الجمعة يناير 25, 2013 1:36 am من طرف هذا_أنا
» الحلبة - Taraxacum officinalis
الجمعة يناير 18, 2013 3:37 pm من طرف هذا_أنا